هذا الكتاب الذي بين أيدينا كتاب جم الفوائد، عظيم الغاية، شق فيه ابن الجوزي طريقاً غير سالكة، وجمع فيه أفانين وضروباً من الثقافة الإسلامية محاولاً أن ينزلها على الحوادث التي حدثت في عصره، فهو يناقش في كتابه الضلالات التي يكيدها الشيطان لأعوانه ويوقعهم في حبالاتها، فناقش الأفكار الضالة مفرقاً بين السنة والبدعة، محاولاً جهده أن يتقصى الفكر الضال الإبتداعي في عصره ويضعه ي دائرة الضوء، ليحلله ويبين عواره، فالفلسفات الضالة لها محل واسع في الكتاب، وأصحاب الفرق والمقالات ومختلف أصحاب الضلال لها محل واسع في الكتاب، وأصحاب الفرق والمقالات ومختلف أصحاب الضلال لها كلها مكان في نقاش مطول. ولم يدخر وسعاً في الإتيان بالأدلة والتفاسير والأحاديث، مع عرض موازين الاعتقاد كما هي عند الصحابة ومن تبعهم إلى عصره.
والكتاب في أسلوبه يشبه أسلوب المؤلف في وعظه،فيه حدة وبخاصة في تعامله مع المتصوفة، وكبار الرجالات منهم، ويجدون في ذلك غيرة على دينه شديدة ظاهرة. وابن الجوزي هو الشيخ "الإمام أبو الفرج عبد الرحمن بن عبد الله"، يرجع نسبه إلى القاسم ابن أبي بكر الصديق رضي الله عنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولد سنة تسع عشر وخمس مئة، وكان أهله بواسط، وجده قد عرفه الناس بالجوزي لجوزة كانت في دارهم لم يكن في واسط غيرها آنذاك. وقد نشأ نشأة علم فحفظ الكثير ولقن الكثير. وبالرغم من أن المصادر لا تحدثنا عن طفولته الكثير إلا أننا يمكن أن نستشف في حياته سمت العلم وهيئة طلاب العلم وجديتهم.
يتحدث العلامة الإمام "جمال الدين أبى الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي البغدادي" في هذا الكتاب عن مكايد الشيطان ومصائده محذراً من فتنة، ومخوفاً من محنة، كاشفاً عن مستوره، وفاضحاً له في حفى غروره، وذلك من خلال تقسيمه مادة كتابه "تلبيس إبليس" إلى ثلاثة عشر باباً ينكشف بمجموعها تلبيسه، ويتبين للفطن بفهمها تدليسه، وجاءت عناوين الأبواب وفقاً للتسلسل التالي: الباب الأول: في الأمر بلزوم السنة والجماعة، الباب الثاني: في ذم البدع والمبتدعين، الباب الثالث: في التحذير من فتن إبليس ومكايده، الباب الرابع: في معنى التلبيس والغرور، الباب الخامس: في ذكر تلبيسه في العقائد والديانات. الباب السادس: في ذكر تلبيسه على العلماء في فنون العلم، الباب السابع في ذكر تلبيسه على الولاة والسلاطين، الباب الثامن في ذكر تلبيسه على العباد في فنون الدين، الباب التاسع: في ذكر تلبيسه على الزهاد، الباب العاشر: في تذكر تلبيسه على الصوفية، الباب الحادي عشر: في ذكر تلبيسه على المتدينين بما يشبه الكرامات، الباب الثاني عشر: في ذكر تلبيسه على العوام، الباب الثالث عشر: في ذكر تلبيسه على الكل بتطويل الأمل.