يا قلبُ إنك في الأحلامِ منغمسٌ ... وقد سلكتَ دروبَ الغي والتيهِ
مالي أراكَ بها قد بتَ منشغلاً ... وحالماً بهواها صرتَ ترجيهِ
فكيف تَطلُبها حباً تَهيمُ به ... ففاقد الشيء حتماً ليسَ يعطيهِ
وفاقدُ الحبِ ليسَ الحبُ مطلبهُ ... أبداً، وليسَ الهوى ما كانَ يحييهِ
***
يا عقلُ إنكَ محسودٌ على نعمٍ ... فلا تحسُ بما في القلبِ يدميهِ
فقد حظيت بفقدانٍ لعاطفةٍ ... تُحَكِّمُ الأمرَ في عدلٍ تساويهِ
وتصدر الأمر في حلمٍ وفي أنةٍ ... ولستَ تعبأُ في حزنٍ تواريهِ
إليكَ عني فقد أرهقتني عتباً ... واحمد إلهكَ أن أنجاكَ من تيهي
***
يا قلبُ مالك في لومٍ تعاتبني ... كأنني عارفٌ يبدي تغابيهِ
إني لحزنك قد أشبعتهُ سهراً ... وصرتُ في كبدٍ طالت لياليهِ
فأنت تأسى وتحزن من تجاهلها ... وتدفن الغم في الأحشاء تبقيهِ
والهمَ أحملهُ ثقلاً يؤَرقُني ... واسأل الربَ عني أن ينحيهِ
***
يا عقلُ قد سكنت جوفي وأوردتي ... وصرتُ في حُكمها أشكو تجافيهِ
فعشتُ في جورِها حتى تَملكَني ... وصرتُ في ظلمها عدلاً ألاقيهِ
وصرتُ أبحثُ عن شيءٍ يخلصني ... فتهت في لجج الأحزان أرجيهِ
حتى تيقنت أني لن أغادرها ... وأنني لجفاها صرت أبغيهِ
***
يا قلبُ إن هواها محضُ أمنيةٍ ... كالنجمِ تحلمُ يوماً أن تناجيهِ
دعها فمالك من حظٍ بمغرمها ... سوى سرابٍ ستشقى في تقصيهِ
دعها فإنك يا قلبي سَتخسَرُها ... وليسَ في حُبها خيراً ستجنيهِ
فقد أردتَ بحبٍ أن تُطوقها ... وقد أرادت عذاباً فيكَ تُبقيهِ
***
يا عقل إن لم تكن فيها تُصدقني ... فسائل العينَ عن حُسنٍ ترائيهِ
واسأل أيا عينُ هل بَلَغَت محاسِنها ... أن تجعلَ القلبَ في ضيقٍ يعانيهِ؟
وهل رأيتِ بها ما قد يميزُها ... حتى جرت بعروقِ القلبِ ترويهِ؟
فاستشهد العينَ علَّ العين تنصِفُني ... من ميل حكمك في ظلمٍ تقاضيهِ
***
العين
لقد رأيت بها كِبراً يُضللها ... قد حاصرته ظنون الشرِ تُعميهِ
وفي ملامحها تبدو ضراوتها ... قد غُطيت بجمالٍ لستُ أنفيهِ
لكن بها كدرٌ لا لست أعلمهُ ... قد أعتمَ الوجهَ حزناً في مآقيهِ
لكن بلا جدلٍ ليست بِمُغرَمةٍ ... ولا بعالمةٍ ما أنتَ تُخفيهِ
***
يا قلب قد صَدقت العين ما نَطقت ... فهل تراكَ ترى ما نحن نعنيهِ؟
وهل قنعتَ بأن الحبَ منعدمٌ ... في قلبها والهوى ضاعت معانيهِ ؟
وهل هناك دليلٌ أنتَ تملكهُ ... ينفي اعتقادي ويستقصي تجنيهِ ؟
أم هل علمتَ بما صرنا نُصَدِقهُ ... فصرت تُنكره كِبراً وتنفيهِ ؟